بنى القائد المسلم عقبة بن نافع مدينة القيروان أثناء ولايته للمرة الأولى على القارة الأفريقيّة، واستمرَّ في بنائها مدة خمس سنوات، وتسمية القيروان تعني معسكر الجند؛ حيث اتخذها عقبة مركزاً وموقعاً مناسباً للوظيفة الحضارية التي بنيت لأجلها، فرأى عقبة أنَّ القيروان هي القاعدة التي يُمكن الاعتماد عليها أثناء تواجد المسلمون في أعماق أفريقيا والمغرب، ولذلك جاء موقع مدينة القيروان مناسباً وبعيداً عن الساحل، وعن غارات البيزنطيين، وكذلك بعيدة عن أعماق المغرب وعن غارات البربريين.
بُنيت القيروان سابقاً على يد معاوية بن حديج، ولكنَّ عقبة بن نافع لم يعجبه موضع القيروان قديماً، ولذلك شرع في بناء القيروان الجديدة، وخطط لبناء القيروان وفقاً للنمط الإسلاميّ، فالمسجد الجامع ودار الإمارة توأمان، ولا ينفصل إحدهما عن الآخر، ويقعان إلى جوار بعضهما البعض، وهما دائماً في قلب المدينة، ويوجد بينهما شارع رئيسيّ، واسمه السماط الأعظم، وجعل عقبة فراغاً حول المسجد ودار الإمارة، وهذا الفراغ عبارة عن دائرة واسعة، ثمَّ قُسمت الأرض إلى مخطط للقبائل؛ وذلك حتّى يبقى شارعاً رئيسياً في كلا الاتجاهين، وحتّى نهاية المدينة، وقدم البربر إلى القيروان من نواحي عديدة في إفريقية، وسكنوا حولها، واعتنق عدد منهم الدين الإسلاميّ، وتعلموا اللغة العربية، والقرآن الكريم، وأمور دينهم.
تقع مدينة القيروان في شمال ووسط تونس، وهي إحدى المدن الإسلاميّة المقدسة،[٣] وتمتد مدينة القيروان على طول السهول الطميّة المنخفضة في الأراضي التونسيّة، وتبلغ مساحتها 3.712 كيلومتر مربع، وتشتهر مدينة القيروان باقتصادها الذي يعتمد على الزراعة من المقام الأول، حيث تُشكل الحبوب المصادر الرئيسيّة الإيرادات الرئيسيّة للمدينة، كما تشتهر المدينة بمنتجاتها الجلديّة، وإنتاج الزيتون، وأدوات السيراميك، والحرف اليدوية المحليّة، وكذلك السجاد الرائع الذي يستحق الشراء.